ولادتــــه: ولد القارئ الشيخ محمود علي البناء في قرية (شبرا باص) مركز شبين الكوم محافظة المنوفية يوم 17 12 1926م.
ونشأ بين أحضان الطبيعة الريفية بما تحمل من مناظر طبيعية، وحياة تقليدية، وفطرة تسيطر على مجريات الأمور كلها.
وكان لهذه الطبيعة الريفية الأثر الواضح في تكوين شخصية أفراد المجتمع الزراعي المكافح الحريص على حياة شريفة طاهرة عمادها الجهد والعرق والكفاح..
وكانت سعادة الوالد في رؤية ابن له يساعده في زراعته أو في تجارته ليكون له عونًا وسندًا وسلامًا وبردًا. . ولكن الحاج (علي) رحمه الله كان يفكر بطريقة خاصة تختلف عن حسابات أهل الريف..
فلقد نما إلى علمه الفطري أن أسهل الطرق وأقربها للوصول إلى الجنة تتمثل في طاعة الله والتي منها ولد صالح يدعو له.
والصلاح الكامل وقمة القرب من الله ورسوله لا يكون ناجحًا إلا بتحصينه بالحصن المتين والزاد الذي لا ينقطع والنور الساطع، وهو القرآن الكريم.
استشعر الحاج علي النعمة الكاملة من أول لحظة عندما رزق بمولود جميل يشبه أطفال الجنة، لأن العز والوجاهة ظهرت على المولود الصغير الذي اختاراه الله لحفظ كتابه الكريم.
ولأن قدوم الطفل كان محموادً حمدًا لله وثناء عليه.. أطلق عليه أبوه اسمًا من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم التي هي في السماء فأسماه (محمود).
بعد هذا الميلاد الذي أسعد الوالد حلت البركة على البيت وكثر الخير الذي تدفق على الأسرة..
وربما يكون هذا التدفق وهذه البركة كان مصدرها تفاؤل وأمل ودفعة جعلت النشاط والحيوية المحرك الذي أشعل روح الكفاح والجهد الوافر لدى رب الأسرة الحاج علي البنا الذي لم يدخر جهدًا.
ولم يبخل بشيء قد يساعد ابنه على حفظ القرآن الكريم، ليكون في مقدمة صفوف أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته (إذا عملوا بالقرآن).
ولما بلغ الطفل (الجميل) محمود على البنا أشده واستوى ألحقه والده بكتاب (الشيخ موسى) رحمه الله بقرية (شبرا باص) كان الشيخ موسى حريصًا كل الحرص على تلاميذه من حيث الحفظ والتجويد.
ولكنه كان شديد الحرص على نجم بزغ بين أقرانه وهو الطفل الموهوب محمود علي البنا، الذي ظهرت عليه علامات النبوغ وسمات أهل القرآن وخاصة مخارج الألفاظ والدقة في النطقز
وهو في السادسة من عمره بالإضافة إلى الذكاء الشديد والالتزام والدقة والرقة في التعامل مع كلمات القرآن مما جعل الشيخ موسى يتوسم النبوغ في تلميذه الموهوب.
يقول الشيخ محمود علي البنا في مذكراته عن مرحلة الطفولة والكتّاب: كنت شديد الحرص على حفظ ما آخذه كل يوم بالكتاب أسهر الليل كله ولا أنام إلا بعد ما أحفظ اللوح الذي سأقوم بتسميعه على سيدنا في اليوم التالي..
وبعد الحفظ أراجع اللوح السابق الذي حفظته قبل ذلك حتى أقوم بتسميع اللوحين معًا ليتواصل القرآن بالقرآن تواصلًا محكمًا. .
وأذكر أن شيخي ضربني علقه ما زلت أذكرها ولن تغيب عن خيالي ما دمت حيًا. وكانت علقة بدون أي تقصير مني في التسميع والحفظ.
ولما عدت للبيت بكيت بكاءً شديدًا وقلت لوالتدي لقد ضربني سيدنا ضربًا شديدًا مع أنني سمّعت له اللوح..
فقالت: يا محمود الشيخ ضربك لأنني قلت له إنك ذهبت إلى الغيط لتشاهد جمع القطن وتلعب بجوار العاملين بجني القطن..
وأنا يا بني خفت إنك تتعود على كده وتبعد عن القرآن يقوم القرآن يبعد عنك.. يا بني أنا خايفه عليك وعلى مصلحتك ومستقبلك لأنك شكل أهل القرآن ولن تصلح إلا للقرآن.. القرآن جميل يا محمود وبيرفع صاحبه..
ولكنني لم أستوعب الدرس جيدًا وفي اليوم التالي خفت من عقوبة سيدنا فتغيبت عن الكتّاب ولكنني فوجئت بالعريف وكان طوله يقرب من مترين يجرني بقوة من ذراعي إلى خارج البيت، فقلت له انتظر لما آخذ رغيف وحتة جبنة وألبس جزمتي..
فقال لا مفيش وقت.. فاستغربت لأن أحدًا من البيت لم يتحرك لتخليصي من العريف.. فعلمت أن هناك اتفاقًا بين الأسرة وبين سيدنا، والذي على أساسه جاء العريف يجرني إلى الكتّاب...
وأول ما دخلت على سيدنا فوجئت بأنه أمطرني ضربًا في كل مكان من أنحاء جسدي على يدي ورجلي ورأسي وظهري فعرفت أنه متوصى وبعدها صالحني سيدنا ووجه إلي بعض النصائح ووعدني بعدم الضرب ووعدته بالمواظبة والحفظ وعدم التغيب عنا لكتاب.
يقول الشيخ محمود علي البنا: وذهب والدي إلى مدينة شبين الكوم ليقدم لي طلب التحاق بمعهد شبين الكوم الديني الأزهري ولكن أحد أصدقاء والدي رحمه الله أشار عليه بالذهاب إلى معهد المنشاوي بطنطا الذي يقبل حفظة القرآن مباشرة..
فذهب بي والدي إلى طنطا والتحقت بمعهد المنشاوي، وكنت صغيرًا جدًا. . ولكن الذي شجعني على البقاء بطنطا.. التفاف الكثير من الناس حولي لسماع صوتي وأنا أقلد الشيخ محمد رفعت رحمه الله..
وكانت توجه إلي الدعوات للقراءة في المناسبات أحيانًا بالمسجد الأحمدي.. وعرفت وقتها بالطفل المعجزة لأنني كنت ماهرًا في تقليد أصحاب المدارس الراقية في تلاوة القرآن.
ولما كان يطلب مني تقليد الأساتذة العمالقة أمثال الشيخ محمد رفعت والشيخ محمد سلامة والشيخ عبدالفتاح الشعشاعي والشيخ محمد السعودي..
لم أتردد وإنما أكون سعيدًا جدًا ويشجعني المستمعون بالمئات فيزداد الإبداع وأتمكن من الأداء بقوة وأنا في الثانية عشرة من عمري.
يقول الشيخ البنا: أهم شيء في القارئ أن يكون حافظًا ومجودًا للقرآن الكريم بإتقان وتمكن. وأن يكون صوته جميلًا ولديه ملكة التقليد.
لأنه يقلد فلانًا وفلانًا من أصحاب المدارس المشهورة والمؤثرة في قلب المستمع مباشرة. وفي النهاية تكون شخصيته هي الواضحة بصوته وأدائه المتميز عندما تسمعه تقول هذا فلان.
ولابد أن يلتحق بمدرسة قرآنية يعشقها هو. ويميل إليها قلبه فيسمع أستاتذته من المدرسة التي يرغبها ويتمشى معها صوته وأداؤه وإمكاناته.
وبعد فترة يستقل بشخصيته التي عندما يسمعها المستمع يقول: هذا فلان. وأنا لا أؤيد التقليد المطلق. ولكن يجب أن تظهر شخصية القارئ في النهاية.
التحاقه بمعهد المنشاوي:
بمعهد المنشاوي بطنطا عرف الطالب محمود علي البنا واشتهر بين الطلاب بجمال صوته وحسن مظهره وقوة أدائه. مما جعل كل مشايخ المعهد يحبون الاستماع إليه وكذلك الطلاب.
يقول الشيخ البنا:
وكان الشيخ حسين معوض رحمه الله شديدًا في معاملته مع الطلاب.. فلما تكاسلت يومًا عن القراءة هددني الشيخ حسين بالجريدة التي يمسكها بيده..
فجلست وأمامي جمع غفير من الطلاب ولكنني فوجئت بأنهم ينصرفون مسرعين كل إلى فصله ولم يتبق إلا أنا فقال لي الشيخ حسين:
لا تخف استمر في القراءة.. وفي آخر السنة قال لي الشيخ حسين والشيخ محرز رحمهما الله: يا محمود أذهب إلى المعهد الأحمدي (بطنطا) وتعلم القراءات حتى تكون صييتًا لك شهرتك لتدخل الإذاعة لأنك صاحب موهبة فذة قلما تتوفر لأحد غيرك..
ذهبت إلى المعهد الأحمدي بطنطا وتعلمت القراءات على يد المحروم الشيخ محمد سلاّم الذي كان حريصًا على انتقاء من يلتحق بمعهد القراءات فيعقد له اختبارًا في الحفظ وتجويد الحروف وسلامة النطق ومعرفة مخارج الألفاظ والدقة في الأداء القرآني وحسن المظهر فإذا توافرت كل هذه الشروط في المتقدم إلى المعهد الأحمدي قبله الشيخ سلام..
وأما الذي يكون دون ذلك فليس له مكان بالمعهد الأحمدي للقراءات آنذاك..
مكث الشيخ البنا عامين كاملين بالمسجد الأحمدي بطنطا يتلقى علوم القرآن والقراءات العشر تتلمذًا على يد المحروم الشيخ محمد سلام ولما بلغ الشيخ البنا الثامنة عشرة انتقل إلى القاهرة بلد العلم والعلماء حيث الأزهر الشريف قبلة الراغبين في المزيد من العلوم والمعارف..
وذلك بعد أن أصبح مثقلًا بالقرآن وعلومه ومتمكنا من تجويده وتلاوته متمتعًا بما وهبه الله من إمكانات عالية وقبول من كل الناس لطريقة أدائه الساحرة التي أهلته لأن يفكر في غزو القاهرة باحثًا عن مجد عزيز وشهرة واسعة.
من شبرا باص إلى القاهرة:
يقول الشيخ البنا: وانتقلت إلى القاهرة عام 1945م حتى أكون قريبًا من عمالقة القراء لأستمع إليهم وأسجل بذاكرتي ما يعجبني ويهزني من أداء ونغم وفن رفيع ثم أعود إلى البيت لأسترجع ما سجلته على شريط الذاكرة وأتلو ما سمعته من أحد العمالقة فأنفذه.
وكأنني هو. وخاصة الشيخ محمد سلامة الذي شدني إلى حسن صوته وأدائه بقوة وإتقان.. فقلت لنفسي أنت كالذي انتقل من الإبتدائي إلى الجامعة بجلوسك أمام هؤلاء كالشيخ محمد سلامة والشيخ محمد رفعت والشيخ الصيفي والشيخ الشعشاعي.
بعد عام 1945م استقر الشيخ البنا بحي شبرا بالقاهرة حيث الأصدقاء والمحبون لفن أدائه وجمال صوته.. وكان لعشاق فن الشيخ البنا الدور الأكبر في بقائه بالقاهرة لمواصلة مسيرته نحو الشهرة والعالمية، لأنهم مكنوه من التلاوة بأكبر مساجد شبرا فتعرف عليه مئات المهتمين بالاستماع للموهوبين من قراء كتاب الله عز وجل.
وخاصة كبار الشخصيات الذين لعبوا دورًا كبيرًا في تقديم موهبته إلى الملايين عبر موجات الإذاعة.
يقول الشيخ البنا في مذكراته: بدأت ببعض المساجد بشبرا بالقاهرة عن طريق بعض الأصدقاء المخلصين حتى تعرف عليّ كثير من الناس، فانهالت عليّ الدعوات لإحياء المآتم وبعض المناسبات الدينية التي كان يقيمها كبار التجار بالقاهرة وكانت هناك منافسة شديدة بينهم وخاصة في اختياراتهم للأسماء اللامعة من مشاهير القراء.
وكل منهم يتفنن في جذب الناس إلى حفلته فكانت المنافسة شديدة في كل شيء ابتداءً من حجم السرادق وتجهيزه وإضاءته وموقعه انتهاءً بالقارئ الأكثر جماهيرية.
وفي عام 1946م التقى الشيخ البنا بأحد عمالقة التواشيح وأحد النابغين في تدريس المقمات الموسيقية وهو الشيخ درويش الحريري الذي ساعد الشيخ البنا على إتقان المقامات الموسيقية وتطويعها للتلاوة وخاصة أن صوته يحمل نغمًا ربانيًا يستحق الدراسة..
واستطاع الشيخ البنا أن يزيد حصيلته الغنية فتعلم التواشيح وأتقنها ليتمكن فقط من توظيف ما لديه من مواهب وإمكانات في تلاوة القرآن ليستطيع أن يأخذ مكانه عن جدارة وكفاءة بين كوكبة قراء الرعيل الأول بالإذاعة.
أول تلاوة للشيخ البنا بالإذاعة:
وكانت أول تلاوة للشيخ البنا بالإذاعة في آخر ديسمبر عام 1948م وكان سنه 22 سنة. وكانت القراءة على الهواء مباشرة قبل التسجيلات.
وكانت التلاوة من سورة (هود) من قوله تعالى: {وإلى ثمود أخاهم صالحًا} إلى قوله تعالى: {وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب}.
يقول الشيخ البنا:
بعد اعتمادي بالإذاعة قارئًا للقرآن الكريم جاءني خطاب من الشئون الدينية بالتوجه إلى أستوديو علوي أمام الشريفين (مبنى الإذاعة القديم) لأقرأ قرآن الصباح من السابعة إلى السابعة والنصف صباحًا وتم تحديد أول الربع الذي سأقرئه من سورة هود..
ولأن ميكرفون الإذاعة له احترامه وتقديره وقدسيته ولأنني سأقرأ بالإذاعة بجوار عمالقة القراء الموهوبين كان من الطبيعي أن أعلن على نفسي حالة الطوارئ أولًا راجعت الربع المقرر عليّ أكثر من عشر مرات وقرأته مع مراعاة الوقف والابتداء والتنغيم والأحكام المتقنة الملتزمة كما تعلمنا من أساتذتنا...
ثانيًا سمعت القارئ الذي قرأ يوم الاثنين قبل قراءتي مباشرة فوجدته بالفعل قرأ ربع {وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها} وعلي أن أبد بعده مباشرة.
توجهت إلى الإذاعة قبل الموعد بنصف ساعة لأنني لم أنم تلك الليلة.. جلست طوال الليل أنا والحاجة جالسين وضابطين المنبه وكل ساعة تقول لي الحاجة: نم يا شيخ محمود وأنا أصحيك فقلت لها ما أنا خايف ننام أنا وأنت للساعة (8) الصبح والقراءة الساعة (7)...
وقبل الفجر بساعة توضأت وصليت وشربت الشاي ونزلت إلى الشارع وأخذت تاكسي ووصلت إلى الشريفين، وصعدت السلم وكأن ارتفاعه عشرة أدوار من شدة خوفي ورهبة الموقف..
ودخلت ملحق الأستوديو فسمعت رجلًا يقول ثني ومد وخلف وأمام فعرفت أنه برنامج الرياضة الصباحي، وكان على الهواء كبقية المواد الإذاعية قبل التسجيلات كما ذكرنا.. فجلست في ركن المذيعة (صفية المهندس).
ومعها البرنامج مكتوب عليه. (نستمع إلى القارئ الشيخ محمد علي البنا الذي سنسمعه لأول مرة بعد اعتماده قارئًا بالإذاعة) وكلما اقترب موعد التلاوة الصوت يهرب مني وأخاف أكثر....
وقدمتني السيدة المذيعة فقفلت الصوت وقلت لها أنا صوتي بيقطع فقالت صوتك طالع على الهواء جميل جدًا. . وأنا ما صدقت أنها تقول لي صوتك جميل على الهواء وطلعت بجواب عالي رد إليّ ثقتي بنفسي وبفضل الله انطلقت بقوة وبتوفيق من الله.. حتى ختمت الربع في السابعة والنصف.
قارئ المساجد الكبرى:
بعد التحاقه بالإذاعة واكتساب شهرة عريضة امتدت عبر الزمان والمكان إلى جميع أقطار الدنيا كانت له مكانة مرموقة بين القراء، وفي قلوب الناس جميعًا. . اختير لكفاءته وحسن مظهره الملائكي لأن يكون قارئًا لأكبر وأشهر وأهم المساجد بجمهورية مصر العربية وخاصة المساجد التي يزورها وفود إسلامية من مختلف دول العالم.
قرأ السورة يوم الجمعة لمدة خمس سنوات في الخمسينات بمسجد الملك فاروق بحدائق القبة بالقاهرة.. بعدها انتقل قارئًا للسورة بمسجد الإمام أحمد الرفاعي بحي القلعة بالقاهرة لمدة خمس سنوات.. وخلال هذه الفترة انتقل وراءه مئات من جمهوره المتيم بأدائه وصوته إلى مسجد الإمام الرفاعي..
وبعد ذلك اختير لأن يقرأ السورة بمسجد العارف بالله السيد أحمد البدوي بمدينة طنطا وظل به متمتعًا بتلاوة كتاب الله ما يقرب من ثلاثة وعشرين عامًا متواصلة.
وفي عام 1980م بعد وفاة الشيخ الحصري انتقل الشيخ البنا إلى القاهرة مرة ثانية ليكون قارئًا للسورة بمسجد الإمام الحسين حفيد الرسول صلى الله عليه وسلم ليختم حياته تاليًا لكتاب الله عز وجل في روضة بضعة الرسول صلى الله عليه وسلم حتى فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها عام 1985م.
السفر إلى دول العالم:
إن رحلة الشيخ مع القرآن كانت رحلة عالمية لا يحدها زمان ولا مكان. ظل مترددًا على أماكن المسلمين في شتى بقاع الدنيا على مدى ما يقرب من أربعين عامًا متتالية ولم يترك قارة من قارات الدنيا إلا وذهب إليها على مدار الأعوام وخاصة في شهر رمضان المبارك الذي طالما أسعد الملايين من الجاليات المسلمة بسماع صوته القرآن البريء العذب الفياض.
فرقت عشرات القلوب التي كانت كالحجارة أو اشد قسوة.. ودخلت دين الله أفواجًا مسبحين بحمد ربهم مستغفرينه فكان لهم غفورًا توابًا. .
اختاره الأزهر الشريف لحضور كثير من المؤتمرات الإسلامية العالمية ممثلًا أهل القرآن وقراءه وأرسلته وزارة الأوقاف إلى كثير من المسابقات العالمية كمحكم وقاض قرآني..
وانهالت عليه الدعوات من الملوك والرؤساء والشيوخ العرب لإحياء المناسبات الدينية كالمولد النبوي الشريف وليلة الإسراء والمعراج وليلة رأس السنة الهجرية وافتتاح المؤتمرات الإسلامية العالمية المقامة على أرض بلادهم.. إنه حقا كان خير سفير للقرآن الكريم.
الوفـــــاة:
فراسة المؤمن.. كانت لدى الشيخ البنا منذ طفولته واستمرت حتى وفاته.. حيث تنبأ بوفاة رجل يسمى (الجمل) بقريته (شبرا باص) وهو طفل صغير ظل يردد الجمل وقع الجمل وقع وبعد ساعات مات الرجل بغير مرض.
وطلبه للشيخ الشعراوي ليودعه وهو على فراش المرض وتنبؤه بأن الشيخ الشعراوي عاد من البحر الأحمر ولما اتصل الحاضرون بالإمام وجدوه قد وصل منذ لحظات.
وقبل الوفاة بأيام استدعى ابنه أحمد وطلب منه إحضار ورقة وقلم وقال له: أكتب ما أمليه عليك.. وأملى عليه نعيه كفقيد للإذاعات العربية والإسلامية.. عن عمر يناهز الستين عامًا. فقاطعه نجله أحمد مداعبًا. .
ولماذا لا نكتبها ثمانين عامًا؟ فقال له الشيخ البنا: لا يبني لقد توقف العمر وقرب الأجل وانتهى. وأضاف وصية بتوزيع ممتلكاته وأمواله على أبنائه حسب شريعة الله وسألهم هل لكم طلبات أخرى فانخرط الجميع في البكاء ولكنه هو الذي طلب منهم أن يضعوا معه شريط قرآن ليصاحبه في جنازته ويؤنس وحدته في قبره فلم يسع أحد أن يرد عليه.
نظره إلى سقف حجرته بالمستشفى وهو يصف جنازته من أول الصلاة عليه بمسجد الإمام الحسين عليه السلام حيث كان يقرأ كل يوم جمعه انتهاء بوصوله إلى مدفنه بالمقبرة التي بناها في حياته بجوار المركز الإسلامي الذي أقامه بقريته شبرا باص..
وكيف تشيع الجنازة وأشار إلى مكان أخيه وهو يبكيه في ناحية والناس يبكون في ناحية وحدث المنظر كاملًا في اليوم التالي كما صوره الشيخ البنا الذي فاضت روحه ودفن بمسجده وعاد إلى قريته شبرا باص كما خلق على أ رضها أول مرة.
تكريم الدولة للشيخ البنا:
قامت الدولة بتكريم الشيخ البنا بعد وفاته حيث منح اسم الشيخ البنا وسام العلوم والفنون عام 1990م في الاحتفال بليلية القدر وتسلمه نجله الأكبر المهندس شفيق محمود علي البنا..
وكرمته محافظة سوهاج بإطلاق اسمه على الشارع الرئيسي بجوار المسجد الأحمدي بمدينة طنطا، كذلك أطلقت محافظة القاهرة اسمه على أحد شوارع حي مصر الجديدة.. وهكذا يكون تكريم أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته.
المصدر: موقع قراء القرآن الكريم